التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بوح تأخر كثيراً

 

بوح تأخر كثيراً

                                                                                                   بقلم سامي بن عيد                                                                                                                        ٢ جمادى الآخرة ١٤٤٣





أب حنون ...

ابن بار ... 

أحب إخوتي إلى قلبي

ما زالت أسمع صوته الحنون يخاطب قلبي قبل أذني..

كان نعم الجار الطيب..

 وجهه بشوش ...

صاحب فضل وعلم ...

كثير البذل والسخاء ...

قدوة للجميع ...

لا أنسى كلماته المحفزة التي انتشلتني من ظلمات اليأس..

نفخر به جميعا ... 

  

لما توفي رثاه الجميع، عبروا عن  مشاعرهم دون تردد أو تأخير ، سألوا الله له المغفرة والرحمة ،  وسامحته القلوب وبكته العيون ... 

مشاعر طيبة وصادقة باح بها الجميع وسطرتها الرسائل وتناقلها الناس، لكن هل سبق أن سمعها منا الفقيد ؟ 


الكثير من كلمات الامتنان والعرفان  تمنى أن يسمعها منا قبل أن يوافيه الأجل، كان بحاجتها في لحظات الألم  وساعات الضعف واليأس التي مرت به ...

ما أعظمها وأبلغها من كلمات لو قيلت في حينها !

لداوت جراحاً نازفة ، أو جبرت له خاطراً مكسوراً ، أو شدت له عزماً منهكاً ، أو أحيت له أملاً ، ولأدفأت مشاعره وللملمت أشلاءه المبعثرة ...

ولأدرك مكانته الكبيرة في قلوبنا وقيمة ما قدم.

كم من حبيب غادرنا ولم نفصح له عن مكنون جوانحنا، ولم نحكي له عن مدى حبنا له ، ولم تدفئه حرارة مشاعرنا ولم يسمع بوح قلوبنا....

لقد تأخرنا ...

ماذا لو سمعها من زمان؟ 


ماذا لو أطرب ثناؤنا مسامعه؟


 ألن تكون الأجمل والأنفع والأغلى؟


لماذا تأخرنا ؟! 


لعل البوح بهذه المشاعر  الآن  قد يخفف عنا ألم الفقد ولوعة الفراق..

ومع ذلك هل سيسمعها الآن  وهو تحت الأرض ؟ 


وأسفاه لقد تأخرنا..


بل تأخرنا كثيراً جداً 


هل بإمكاننا أن نتدارك الأمر؟    


من حولنا بحاجة أن يسمعوا كلماتنا الدافئة وبوح مشاعرنا قبل فوات أوانها، 

ونحن أيضا بحاجة لسماعها منهم.


قال عليه الصلاة والسلام "إذا أحبَّ الرَّجلُ أخاهُ فليُخبِرهُ أنَّهُ يحبُّهُ." أخرجه أبو داود (5124)


ماذا ننتظر ؟! 

لنقلها الآن.

تعليقات

  1. فعلا ... لماذا لا نقدر التاس الا بعد فراقهم

    ردحذف
    الردود
    1. أظن التقدير موجود ، لكن ما تعودنا على البوح به

      حذف
  2. رائع ابو البراء 🤍 الله يزيدك من واسع فضله ورحمته ⚘

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم آمين وإياك
      وسلمت أختي الغالية 🌹

      حذف
  3. (علي الحازمي)
    يبدو لنا لاول وهلة اننا بحق تأخرنا ! ولكن لو تأملنا لعلمنا انها سنة ماضية بالخلق بل المدح والثناء قبل او بعد الممات كلاهما حسن والماضي قدر مضى فالوقوف على أطلاله يبعث فينا الألم . فالثناء بعد الممات شهادة وتزكية لروح طاهرة فاضت الى بارئها (وجبت له الجنة أنتم شهداء الله على ارضه) .
    المشاعر لها فراسة فلا نحاول اجبارها ونقنعها بمجرد موقف دعها فانها مأمورة كثيرا ما صدمنا باشخاص حين اجبرنا مشاعرنا بالبوح لهم واذ بالزمن يظهر لنا الوجه الاخر لهم ويبدأ اللوم من المشاعر .
    لذا اجعل المشاعر مصاحبة لعقلك وحذاري ان تنفرد المشاعر بالقلب وتحضر العاطفة بابهى حلة ويضعف العقل امام هذا المثلث البرئ الذي تسيطر عليه براءة الاطفال من ضحك له صديقه ومن كشر بوجه عدوه دون اي اعتبار.
    بالنهاية قلها لا تتاخر ولكن اجعلها من العقل لا من القلب .
    وفقت وسددت وحفظت ووقيت على هذا البوح الجميل .
    (علي الحازمي)

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم آمين
      وجزاك الله خيرا على الإضافة الثرية

      حذف
  4. إذا فات الفوت ماينفع الصوت. ولاءحبة جبين من انتقل إلى رحمة الله بادرو بعقل وقلب صافي كصفاء لؤلؤة بيضاء ناصعة الجمال. وشكرن

    ردحذف
    الردود
    1. جزاك الله خيرا على الإضافة المثرية

      حذف
  5. أبا البراء نكأت جرحا
    ووصفت البلسم
    لكننا كالعادة لا نفيق إلا بعد الفواجع .

    ردحذف
    الردود
    1. صدقت ، حفظك الله
      وهذا المقال محاولة في التذكير

      حذف
  6. الله يزيدك ويجزاك خير ابو البراء كلام رائع

    ردحذف
  7. أحمد الحسيني6 يناير 2022 في 9:03 ص

    البذرة إذا لم نبذرها في وقتها المناسب فلن تنفع ، ومثلها الكلمة إذا لم تكن في وقتها الصحيح فلن تجدي نفعا ، فكلمة الامتنان لها وقت ، وكلمة الاعتذار لها وقت ، وحتى كلمة التوبة لها وقت "آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ"
    وما أكثر الكلمات التي بقيت حبيسة في صدورنا ولم نبذرها أصلا ، رغم أن الكلمة الطيبة عبادة "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"
    الكلمة الخبيثة تهدم قلوبا وربما تقتل إنسانا ، والكلمة الطيبة تصنع رجلا ، وتجدد أملا ، وتعين طالبا على التفوق ومجتهدا على العطاء ، وكلامك يبعث أملا ، وأنت رائع يا أبا البراء وداخلك بستان مزهر يجري في أفيائه ماء عذب .
    سلمت وسلمت يمينك

    ردحذف
    الردود
    1. الله الله
      ما أجملك
      تعليقك جدا جميل أبا طلال أيها الصديق والأخ الحبيب

      وأعجبني تشبيهك للمشاعر الطيبة المحبوسة داخل النفس ، أنها مثل البذور ، فما فائدة أن يكون لديك أطنان من البذور الجيدة، لكنك لم تبذرها في الأرض، ولم تتعاهدها بالسقيا والاهتمام، لا شك أنها خسارة كبيرة.
      شكرا جزيلا من القلب
      جزاك الله خيرا

      حذف
    2. قليل من البشر من لديهم عين ثالثة ينظرون بها من زاوية اخرى فتعطيهم رؤية ثلاثية الابعاد للمشاعر التى نمارسها في حياتنا اليومية و القلب هو مكان هذه العين بلا شك فيقود العقل للبوح بما تراه و لم يطلع عليه انظار الاخرين
      لا شك انك ابا البراء تملك هذه الصفة الفريدة
      كلماتك اصابت مشاعرنا و انارت بصيرتنا
      دمت رائعاً..

      حذف
    3. ما عليك زود د.حاتم
      شكرا على الإطراء الجميل
      وشكرا على تفضلك بالمشاركة
      وجزاك الله خيرا أبا يزيد

      حذف
  8. نحبك في الله أب البراء ونحب طرك المبارك ..
    هذا واقعنا وليس حجة الركون إلى سلبياته فنحن بحاجة إلى التغيير في تعاملاتنا إلى ما أفضل، بدء من حسن النية والظن وانتهاء بالعفو والصفح والتسامح فيما بيننا، فما ترسب في قلوبنا من المشاحنات جعلتنا في الحياة مجرد هوامش، حتى إذا ما توفي أحد جعل الآخر يذكر المحاسن التي هو بحاجة إلى سماعها حيا أو حاضرا.
    أخوكم أبو عبدالله ناصر بن عبدالله السعيد

    ردحذف
    الردود
    1. أحبك الله الذي أحببتنا فيه
      شكرا على المشاركة الجميلة
      وجزاك الله خيرا

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دثار أبي

.  دثار أبي ( كلمات لم أستطع أن أبوح بها لوالدي هيبة منه ) عندما أعود بذاكرتي إلى أيام الطفولة، أتذكر البرد القارص للشتاء في بلدة الكرك ، كان ذلك في بداية السبعينيات الميلادية. في منتصف غرفة الجلوس في بيتنا كانت هناك مدفأة تعمل بالكاز ، والأرض مفروشة بسجاد وفوق السجاد تم وضع قطع من فرو الأغنام والتي تسمى بالجاعد. كان والدي حفظه الله في أغلب أمسيات تلك الأيام الباردة يرتدي فروة طفيلية وهي عبارة عن دثار مبطن بفرو صغار الأغنام. أسعد لحظات حياتي في تلك الساعات عندما يضمني والدي تحت جناحه ويدخلني تحت دثاره. عندها أشعر بدفء في جسدي الصغير ودفء من نوع آخر هو دفء حنانه ومشاعره. كان يطلق علي أسماء مختلفة مرة يدعوني بمعن ومرة مجاهد وغيرها من الأسماء المختلفة التي تشعرني بالأمان والتميز والسعادة الغامرة. وكلما مرت الأيام والسنون أكتشف أكثر أن دثار أبي يضم تحته الكثير والكثير من الأسر والأرحام والارامل والايتام والفقراء والمحتاجين، يساعد هذا ويضمد جراح هذا، ويمد يد العون لآخرين ، يساعد أحدهم في مشروعه الصغير ، ويقرض آخر ليشتري أرضا أو يبني بيتا ، بل وقف بنفسه على بناء عدد من...

القلوب الأشد فرحا بالعيد

. القلوب الأشد فرحاً بالعيد (1)       -  سامي بن عيد عيد الأضحى 1434هـ        لازلت أزداد يقينا ًبأن أكثر الناس فرحاً واستمتاعاً بالعيد هم الأطفال، لأنهم يملكون قلوباً بيضاء طاهرة نقية لا تحمل الحقد أو الضغينة . رأيت أناساً في العيد قد قلبوا أفراحهم أحزاناً ، فهم في كل مناسبة سعيدة يجترون أحزانهم القديمة، ويبكون ويشتكون مصائب الزمان بدل أن يفرحوا ويَسعدوا ويُسعدوا من حولهم ،لم يعيشوا الحزن عند حدوثه مرة واحدة بل عاشوه ويعيشونه مرات ومرات ، ملأوا حياتهم وحياة من حولهم  نكداً وبؤساً حتى أصبحت الشكوى ديدنهم والتعاسة الصفة الملازمة لهم . وعلى العكس من ذلك هناك أناس قلوبهم كقلوب الأطفال بيضاء لا تحمل إلا الخير والحب والمعروف ، قلوب اعتادت على العفو والسماحة، قلوب لينة مرنة لديها القدرة على الصفح والغفران . قلوب علمت أن معنى العفو هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وأن أصله المحو والطمس ، فمحت أخطاء اﻷخرين من قلوبها،ونظفت قلوبها مما يفسدها .   وعلمت أن من معاني العفو الأَرضُ الغُفْلُ التي لم تُوطَأَ وليست بها آثار، فلم ...

أواصر هشة

                                                       -     م. سامي بن عيد  يسعى للبر بوالدته ويتواصل معها من بعيد لكنه انقطع عن زيارتها منذ عدة سنوات بسبب خلاف مع زوج أمه. وأخرى نادرا ما تزور والدها في بيته لأنها ليست على علاقة جيدة مع زوجة أبيها. وآخر منذ فترة طويلة لم يدخل بيت أخته لأنه لا يحب زوجها، وأخرى لم تفكر يوما ما بزيارة أخيها بسبب سوء تفاهم قديم مع زوجته. وقل نفس الشيء عن العم والعمة والخال والخالة ،و..... صور مؤلمة من التقصير في بر الوالدين وصلة الرحم يجد أصحابها لأنفسهم المبررات الواهية للاستمرار على فعلها بالرغم من الألم والحزن الذي  يشعر به الطرف الآخر. تمر الأيام والأعياد والمناسبات دون لقاء أو اجتماع، فقدت تلك الأسر حلاوة اللمة والاجتماع والمشاركة والتعاضد ،  إلا يخشى أولئك أن يؤدي بهم التمادي في ذلك إلى قطيعة الرحم، فطول العهد والبعد يؤديان إلى الجفاء وضعف الأواصر ثم القطيعة،  ومن ثم الدخول في ق...